ترك برس
تتباين آراء الخبراء والمحللين الأتراك بشأن موقف الاتحاد الأوروبي من التطورات الأخيرة في سوريا وليبيا، عقب إعلان تركيا فتح الأبواب أمام اللاجئين للعبور إلى أوروبا.
وتنعقد اليوم الثلاثاء، قمة عبر دائرة تلفزيونية بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، لبحث ملفي "إدلب" واللاجئين.
ومنذ 27 فبراير/شباط الماضي، بدأ تدفق طالبي لجوء إلى الحدود الغربية لتركيا مع اليونان، عقب إعلان أنقرة أنها لن تعيق تحركهم باتجاه دول الاتحاد الأوروبي، الذي لم يف بالتزاماته في اتفاق اللاجئين، الموقع مع تركيا في 18 مارس/ آذار 2016.
ولليوم العشرين على التوالي، يواصل طالبو اللجوء الانتظار على الحدود التركية- اليونانية، على أمل الوصول إلى دول أوروبا الغربية، رغم مرارة ما يصيبهم، بدءًا من الطقس السيئ إلى عنف قوات الأمن اليونانية والأسلاك الشائكة، التي تقف سدًا أمام آمالهم.
عضو هيئة التدريس في جامعة يلدرم بيازيد بأنقرة، بروفيسور صالح يلماز، يرجح خلال حديث مع وكالة الأناضول التركية، أن دول الاتحاد الأوروبي ستتخذ مجموعة من الخطوات من أجل إقناع تركيا.
ويلفت يلماز، رئيس معهد الأبحاث الروسية في أنقرة، إلى أن تركيا أعلنت أنها لن تتمكن من تحمل عبء اللاجئين الجدد بمفردها، عقب تفاقم أزمة إدلب، وانتهجت سياسية الحدود المفتوحة أمام طالبي اللجوء الراغبين بالتوجه إلى أوروبا.
ويوضح أن هذا الوضع أدى إلى موجة هجرة مفاجئة لم تكن اليونان مستعدة لها. ويتابع: "يمكننا القول إن الاتحاد الأوروبي أدرك أخيرًا أنه لا يمكن حل مشكلة الهجرة، التي مصدرها سوريا، عبر بقائه متفرجًا دون أن يحرك ساكنًا".
ويرى أن الاتفاق المبرم بين تركيا والاتحاد الأوروبي عام 2016 (بشأن اللاجئين)، والذي جرى تحديثه في 2017، يمكن طرحه في القمة الثلاثية لإدخال تعديلات عليه.
ويقول يلماز إن الاتحاد الأوروبي يعد خطة للتعامل مباشرة مع موجة الهجرة في منبعها بسوريا، قبل أن تجتاز الحدود التركية.
ويتوقع أن يسارع الجانب الأوروبي إلى تقديم الدعم المادي الذي كان قد تعهد به لتركيا (6 مليارات يورو)، "لكن تركيا سترفض التعاطي مع مشكلة طالبي اللجوء بمفردها، عبر تلقي مساعدة مالية فقط".
ويشدد على أن مسألة طالبي اللجوء واللاجئين باتت تمثل مشكلة تمس الأمن القومي لتركيا، ولذلك ستعمل أنقرة على دفع الاتحاد الأوروبي إلى تحمل المسؤولية ولعب دور فاعل للإسهام في إيجاد حل لأزمتي سوريا وليبيا.
ويعتقد الأكاديمي التركي أنه من الوارد أن تتوصل القمة إلى خارطة طريق لتحقيق وقف إطلاق نار دائم في ليبيا، والدفع بالعملية السياسية لتحقيق السلام.
وتشهد ليبيا صراعًا مسلحًا، إذ تنازع قوات اللواء متقاعد خليفة حفتر، بدعم من دول إقليمية وأوروبية، حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليًا، على الشرعية والسلطة في البلد الغني بالنفط.
بينما يستبعد بروفيسور نادر دولت، أستاذ العلاقات الدولية، أن تكون هناك خطوات ملموسة من ماكرون وميركل خلال القمة. وفق وكالة الأناضول.
ويقول دولت إن أوروبا لن تستطع الذهاب إلى أبعد من مقترح: "فلنقدم المزيد من المال"، فالجانب الأوروبي لا ينظر إلى قضية طالبي اللجوء من منظور القيم الإنسانية.
ويتابع: "الاتحاد الأوروبي لم يعد يرغب برؤية لاجئين في القارة العجوز، ولذلك يلتزم الصمت التام حيال العنف المفرط الذي تمارسه اليونان تجاه طالبي اللاجئين على حدودها، بل ويدعم ذلك".
ويلفت إلى أن ألمانيا وحدها أعلنت استعدادها لاستقبال عدد محدد من طالبي اللجوء القاصرين، وذلك لحاجتها إلى أيدي عاملة شابة، في ظل معاناة المجتمع الألماني من الشيخوخة.
ويشير إلى أن برلين ستعمل على صهر هؤلاء القاصرين في المجتمع الألماني، ومن غير الواضح إن كانت ستستقبل أسرهم أيضًا أم لا.
ويردف: "لذلك لا ينبغي توقع الكثير من ميركل وماكرون، اللذين يتناولان الموضوع ببراغماتية كبيرة، لكن يمكنهما اتخاذ خطوات لتفادي تفاقم الوضع بشكل أكبر من منظورهما".
ويزيد بقوله: "ربما لا تكون هناك خطوة ترضي تركيا بشكل تام، لكنها لن تجلس إلى الطاولة دون أوراق تفاوضية، وبالتالي يمكن التوصل إلى تفاهم ما حول خارطة طريق، وإن لم يكن نهائيًا".
أما البروفسور نورشين آتش أوغلو غوناي، المدرسة بجامعة بهتشة شهير في جمهورية شمال قبرص التركية، فترجح أن تكون القمة الثلاثية إيجابية.
وتشدد غوناي، عميدة كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية والاجتماعية بالجامعة، على أهمية تأسيس قناة للحوار بين الأطراف الثلاثة بشأن مسألة اللاجئين.
وتتابع: "نأمل أن يعي الطرف الآخر (الأوروبي) الهواجس المشروعة لتركيا، وأن يُقدم على خطوة ملموسة أولية".
وترى أن هذه "القمة ستكون بمثابة خطوة أولى لتعزيز الحوار الراهن، ولا ينبغي توقع حل كافة الأمور خلالها، لكن رغم ذلك فإن أنقرة تنتظر بادرة طيبة من الجانب الأوروبي".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!