ترك برس
تتطلع تركيا لتحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة من الشراكة المحتملة مع الملياردير الأميركي إيلون ماسك، خاصة عبر استثمارات في قطاعات التكنولوجيا والطاقة المتجددة، وذلك بعد اختياره من قبل الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب لقيادة وزارة كفاءة الحكومة الجديدة.
وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استعداد بلاده لاتخاذ خطوات مشتركة مع الملياردير الأميركي إيلون ماسك في مجال التكنولوجيا، إذا توفرت الفرص المناسبة.
وقال أردوغان أثناء حديث مع الصحفيين: "ماسك رجل أعمال يعمل في مجال الفضاء والتكنولوجيا، والتكنولوجيا ليست مجالا يمكن أن تتقدم فيه بمفردك، بل ستكون بحاجة إلى التعاون بالتأكيد. إذا أتيحت فرص للتعاون في هذا المجال، فإن تركيا مستعدة للعمل مع ماسك".
يأتي هذا الإعلان في وقت يشهد فيه ماسك صعودا متسارعا في المشهد العالمي، لا سيما بعد اختياره من قبل ترامب لقيادة وزارة كفاءة الحكومة الجديدة، مما يعكس النفوذ المتزايد لأثرى رجل في العالم، الذي باتت ثروته تزيد على 320 مليار دولار. بحسب تقرير نشرته شبكة الجزيرة القطرية.
ووفقا للجزيرة، يرى مراقبون أن هذه الخطوة تعزز فرص التعاون بين تركيا وماسك، خاصة في مجالات مثل السيارات الكهربائية، واستكشاف الفضاء، والطاقة النظيفة، وهي قطاعات تتماشى مع رؤية تركيا لبناء اقتصاد رقمي قائم على الابتكار والتكنولوجيا المتقدمة.
وأوضح التقرير أن تأكيد أردوغان يعكس الطموح التركي لإقامة شراكات إستراتيجية تدعم تطور الصناعات التكنولوجية في البلاد، وتفتح الباب لجذب استثمارات أجنبية تُسهم في تسريع التحول الاقتصادي وتعزيز القدرة التنافسية لتركيا على الساحة العالمية.
وفي لقاء جمعهما في مبنى (البيت التركي) بمدينة نيويورك، في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الملياردير الأميركي إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، إلى إنشاء مصنع جديد للشركة في تركيا.
من جانبه، أشار ماسك إلى أن العديد من الموردين الأتراك يعملون بالفعل مع تسلا، مؤكدا أن تركيا تُعد واحدة من أبرز الدول المرشحة لاستضافة المصنع القادم للشركة.
وناقش الجانبان فرص التعاون في مشاريع أخرى، حيث عبّر ماسك عن رغبة شركته "سبيس إكس" في الحصول على التراخيص اللازمة لتقديم خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية "ستارلينك" في تركيا.
مكاسب اقتصادية
تتطلع تركيا لتحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة من الشراكة المحتملة مع ماسك، خاصة عبر استثمارات في قطاعات التكنولوجيا والطاقة المتجددة.
وأظهرت بيانات هيئة الإحصاء التركية أن صادرات تركيا من المنتجات ذات التكنولوجيا المتوسطة والعالية في القطاع الصناعي اقتربت من حاجز 100 مليار دولار خلال السنوات العشر الماضية، مما يعكس النمو المستمر في هذا القطاع الحيوي.
ووفقا للبيانات، بلغت قيمة الصادرات 53.1 مليار دولار في عام 2013، وارتفعت إلى 60.1 مليار دولار في عام 2017، واستمر هذا الزخم ليصل إلى 77.4 مليار دولار في عام 2021، وحقق قفزة ملحوظة في عام 2022 مسجلا 88.7 مليار دولار.
وفي العام الماضي، وصلت صادرات المنتجات ذات التكنولوجيا المتوسطة والعالية إلى مستوى قياسي بلغ 97.3 مليار دولار، أما خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، فقد سجلت صادرات التكنولوجيا 73.4 مليار دولار، مما يشير إلى استمرار الأداء القوي لهذا القطاع.
وعلى صعيد الاستثمار الأجنبي، ارتفع تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى تركيا بنسبة 31.5% في الربع الثاني من العام الجاري مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي لتصل إلى 3 مليارات و59 مليون دولار، بحسب تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وقد يؤدي تعاونها مع تسلا وسبيس إكس إلى رفع هذا الرقم، مع جذب شركات كبرى للاستثمار في السوق التركية.
شراكة إستراتيجية
ترى الباحثة الاقتصادية شكرية أوزدمير أن الشراكة المحتملة بين تركيا وماسك تمثل خطوة إستراتيجية يمكن أن تعزز مكانة تركيا كوجهة استثمارية إقليمية وعالمية.
وتشير أوزدمير، في حديثها لـ"الجزيرة نت"، إلى أن استقطاب مصنع تسلا السابع إلى تركيا قد يُحدث نقلة نوعية في الاقتصاد الوطني، ليس فقط من خلال توفير آلاف الوظائف المباشرة في قطاع التصنيع، بل سيعمل على نقل الخبرات والتكنولوجيا المتطورة إلى الداخل التركي، مما يمنح المشاريع المحلية، مثل "توغ" لصناعة السيارات الكهربائية، دفعة قوية لتسريع إنتاجها وتوسيع حضورها في الأسواق الإقليمية والدولية.
وعلى صعيد آخر، ترى أوزدمير أن إدخال خدمات ستارلينك في تركيا يمثل نقلة نوعية في البنية التحتية الرقمية، إذ يمكن أن يُحدث طفرة في تحسين الاتصال في المناطق النائية، مما ينعكس على تحسين كفاءة الأعمال ودعم الاقتصاد الرقمي.
وتشير إلى أن ذلك سيساهم في تحقيق رؤية تركيا الرقمية، التي تستهدف التحول إلى مركز إقليمي لتكنولوجيا المستقبل.
وتؤكد أوزدمير أن التعاون مع تسلا وسبيس إكس يعزز من قدرة تركيا على المنافسة إقليميا في مجالات السيارات الكهربائية والطاقة النظيفة، لا سيما أن هذه القطاعات تمثل المستقبل في الصناعة العالمية.
وتشدد على أن مشاريع مثل توغ للسيارات الكهربائية ستستفيد بشكل كبير من نقل التكنولوجيا والخبرات، مما يمكن تركيا من زيادة صادراتها وتعزيز مكانتها في الأسواق العالمية.
الابتكار التقني
وأطلقت الحكومة التركية منتصف العام الجاري برنامجا شاملا لدعم استثمارات التكنولوجيا المتقدمة بقيمة 30 مليار دولار، بهدف تعزيز الابتكار وتشجيع التكنولوجيا الفائقة بحلول عام 2030.
وصرح الرئيس التركي أردوغان بأن هذه الخطوة تمثل نقلة نوعية في رؤية البلاد لجذب الاستثمارات ودعم الصناعات التكنولوجية الحيوية.
ويشمل البرنامج حوافز مالية وضريبية تغطي قطاعات إستراتيجية، إذ تم تخصيص 5 مليارات دولار لرفع إنتاج السيارات الكهربائية إلى مليون سيارة سنويا، إلى جانب 4.5 مليارات دولار لدعم صناعة بطاريات السيارات الكهربائية.
وقال أردوغان: "يهدف مسعانا في مجال البطاريات إلى أن نصبح قاعدة إنتاج إقليمية، ببناء قدرة تبلغ 80 غيغاوات ساعة بحلول عام 2030".
وفي قطاع الطاقة المتجددة، خصصت تركيا 1.7 مليار دولار لتصنيع المكونات الضرورية لتوليد الطاقة من الرياح، بالإضافة إلى 2.5 مليار دولار لدعم منشآت خلايا شمسية بقدرة تصل إلى 15 غيغاوات، بهدف تعزيز دور الطاقة الخضراء في مزيج الطاقة الوطني.
كما يشمل البرنامج تقديم منح بقيمة 5 مليارات دولار لإنشاء مصنع للرقائق الإلكترونية، مع حوافز تصل إلى 40% من رأس المال المستثمر.
وأشار أردوغان إلى أن البرنامج يهدف إلى جذب استثمارات من القطاع الخاص بما لا يقل عن 20 مليار دولار، مع التركيز على مجالات التنقل الذكي، والطاقة الخضراء، والذكاء الاصطناعي، والفضاء، والحياة الصحية، مما يضع تركيا على خارطة الدول الرائدة في التكنولوجيا المستقبلية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!