ترك برس
تناولت تقارير إعلامية عربية عن دلالات وأهداف الزيارة التركي يجريها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى السودان، يومي الأحد والاثنين، في إطار جولة إفريقية تشمل أيضًا تونس وتشاد.
صحيفة "عربي21"، أشارت إلى أن زيارة أردوغان هي الأولى لرئيس تركي إلى السودان منذ استقلاله عام 1956، وأنها تأتي في ظل ظرف تاريخي عصيب تمر به علاقة مصر والسودان من جهة، ومصر وتركيا من جهة أخرى.
وكان وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، قال في وقت سابق إن زيارة أردوغان "تحمل دلالات سياسية، من شأنها الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين البلدين إلى مستوى استراتيجي".
وبحسب الصحيفة، تأتي زيارة أردوغان للخرطوم في توقيت يحمل مغزى سياسي أيضا، حيث تمر المنطقة العربية بأزمة كبيرة حول وضع مدينة القدس بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بنقل سفارة واشنطن لها، وهي الأزمة التي تعد تركيا هي اللاعب الأكبر فيها.
كما تأتي الزيارة بعد تأكيد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، السبت، أن مصر تأمل في عودة العلاقات مع تركيا، وأن القاهرة منفتحة ولديها رغبة دائمة في تجاوز أي توتر.
حول أهداف الزيارة سياسيا، يرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، الدكتور عبدالله الأشعل، أن "الرئيس التركي، يتبع بشكل عام سياسة هجومية مع أعداءه"، مشيرا إلى أن "السيسي تحرك من قبل مع اليونان وقبرص مشكلا تحالف سياسي جنوب تركيا مناهض لأنقرة".
وقال الأشعل إن "أردوغان يتحرك في السودان اقتصاديا أيضا، وفي نفس الوقت تتحرك قطر"، مشيرا لانفتاح السوق السودانية على دول عدة بينها روسيا من خلال قاعدة عسكرية مقترحة ومفاعل نووي على غرار المصري مقرر أن تبنّيهما روسيا بكلا الدولتين.
وأشار الأشعل إلى أن "أردوغان يطمح بشدة في الدخول إلى القارة الأفريقية المفتوحة للاستثمارات والتي يتبارى حولها دول كبرى مثل الصين وروسيا وإيران وتركيا"، لافتا إلى أن "روسيا كانت تسيطر في عهد الاتحاد السوفيتي على نصف دول القارة تقريبا".
وحول خسائر مصر من التقارب التركي السوداني وزيارة أردوغان، أكد الأشعل، أنه "في الملفات الشائكة بين القاهرة والخرطوم كمياه النيل وحلايب لا تأثير لتركيا"، نافيا أن يكون هناك تحالف بين أردوغان والبشير ضد مصر حول ملف حوض النيل.
وأوضح أن "أردوغان رئيس مسلم مهما كان بينه وبين النظام المصري من تباين في المواقف إلا أنه لا يسمح بأن يتضرر الشعب المصري".
واستبعد الأشعل، أن تكون الزيارة موجهة للجانب الأمريكي، بعد أزمة القدس، نافيا أن تكون زيارة أردوغان للسودان وتشاد وتونس ردا على تهديد ترامب بعقاب الدول المصوتة ضد قرار بلاده بيهودية القدس في الأمم المتحدة، خاصة وأن أردوغان أعلن عن رغبته في التعاون مع الدول التي أكدت عربية القدس.
ويعتقد أستاذ العلوم السياسية في جامعة صقاريا بتركيا، الدكتور خيري عمر، أن زيارة أردوغان تأتي تتويجا للعلاقات الثنائية بين أنقرة والخرطوم، وأن التعاون الاقتصادي بين الدولتين هو عنوان الزيارة.
وأكد الأكاديمي المصري، أن الزيارة والتقارب التركي السوداني، ليس موجها ضد مصر، موضحا أن القاهرة لن تخسر مصر شيئ من هذا التوافق. ونفى أن يكون له تأثير على ملفات الخلاف بين مصر والسودان، مضيفا أن "تركيا لها استثمارات في إثيوبيا أيضا وعلاقات جيدة لكنها لاتعمل تداخل بين الملفات المختلفة".
وحول إمكانية أن تقلل الزيارة فرص التقارب المصري التركي وخاصة بعد تصريح وزير الخارجية المصري سامح شكري، عن رغبة مصرية للتقارب مع أنقرة، أكد عمر، أن "المسارات مستقلة بل إنها تكاد تكون منفصلة".
الباحث والمحلل السياسي محمد حامد، يرى أن "الزيارة مهمة واستراتيجية وتأخرت كثيرا وتأجلت أكثر من مرة"، وقال "لا أرى أن الزيارة موجهة لمصر وأنه لا يجب أن نصطاد في الماء العكر ونسيء النوايا".
وقال إنه "من حق كل دولة أن تبحث عن حليفها الاستراتيجي"، موضحا أن "السودان وتركيا بينهما تحالف استراتيجي من قبل ثورات الربيع العربي، وأن هناك تفاهم وتوافق في أمور كثيرة، كما أنه "من حق السودان تنويع علاقاته الدولية ولذا لا يجب أن ننظر لهذا التحالف على أنه موجه ضد مصر".
ورفض حامد فكرة أن تكون الزيارة لصناعة تحالف تركي سوداني جنوب مصر مقابل تقارب مصري مع اليونان وقبرص وتشكيل تحالف ثلاثي على البحر المتوسط فهم منه أنه ضد تركيا.
وقال: "أرى أن الزيارة متعلقة بالتعاون الزراعي والصناعي، خاصة أن البشير زار تركيا أكثر من مرة ومؤخرا شارك بقمة المؤتمر الإسلامي في اسطنبول".
وأضاف حامد أن "أكبر دليل على أن الزيارة غير موجهة لمصر؛ أن تركيا تريد فتح صفحات جديدة مع النظام المصري عبر البوابة الاقتصادية"، متسائلا "لماذا نضع فكرة أن أردوغان يزور السودان للمكايدة السياسية مع مصر أو تشكيل تحالف في الحديقة الخلفية للدولة السودانية".
واستبعد ذلك بقوله إن "تركيا تريد فتح العلاقات الاقتصادية وفتح أبواب وقنوات للحوار مع مصر، وكان آخر تلك المحاولات تواجد وزير الخارجية المصري سامح شكري بقمة إسطنبول الإسلامية بتمثيل مرتفع للغاية، كما أن اهتمام مصر بقضية فلسطين دفع لوجود تنسيق تركي مصري بالجمعية العامة للأمم المتحدة لتأمين النصاب لنصرة عروبة القدس".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!