ترك برس
أصبح استيراد البضائع من آسيا مكلفاً جداً. فنتيجة نقص الحاويات، ازدادت كلفة الشحن بأكثر من تسع مرات منذ شباط/فبراير 2020 بين الصين وشمال أوروبا، بحسب مؤشر "فريتوز بالتيك".
وتبعد تركيا ثلاثة أيام فقط في الشاحنة عن أوروبا الغربية. وصنّفت دراسة أجرتها مجموعة "مكنزي" للاستشارات نشرت في تشرين الثاني/نوفمبر، تركيا ثالثة بين الدول التي لديها أفضل إمكانات لتوريد المنسوجات بحلول عام 2025، بعد بنغلاديش وفيتنام وهي متقدمة على إندونيسيا والصين.
وسجّلت تركيا صادرات قياسية في عام 2021 وهي تحلم بأن تصبح "مصنع العالم" على أبواب أوروبا، مستغلة أزمة عملتها المحلية ورغبة الشركات المتعددة الجنسيات في تقريب إنتاجها من أسواقها الرئيسية. حسبما ذكر تقرير نشره موقع عربي بوست.
ووصلت صادرات البلاد العام الماضي إلى 225,4 مليار دولار، وهي تسعى لزيادة هذا الرقم إلى 300 مليار دولار عام 2023.
هل تتحول تركيا لـ"مصنع العالم" على أبواب أوروبا؟
يعتبر موقع تركيا الجغرافي قرب أوروبا ميزة نظراً إلى الارتفاع الحاد في كلفة الشحن البحري. ويضاف إلى ذلك اضطراب سلاسل التوريد المرتبط بالوباء، وهو ما يدفع شركات أوروبية إلى تقليل اعتمادها على آسيا.
وأكّد بوراك داغلي أوغلو، رئيس مكتب الاستثمار التابع للرئاسة التركية، لوكالة فرانس برس أن "العديد من الشركات المتعددة الجنسيات تقوم بإجراءات من أجل الحصول على المزيد من الإمدادات من تركيا". مشيراً إلى أن البلاد التي لطالما جذبت عمالقة سيارات ومنسوجات، توفر قوة عاملة ماهرة وموقعاً جغرافياً مثالياً وبنية تحتية متطورة.
على ذلك، أعلنت شركة "إيكيا" السويدية في الخريف أنها تريد نقل جزء من إنتاجها إلى تركيا، كما أكدت مجموعة الملابس الإيطالية "بينيتون" لوكالة فرانس برس "رغبتها في زيادة حجم إنتاجها في دول أقرب إلى أوروبا بما فيها تركيا.
من جانبه، قال بيتر وولترز، نائب رئيس غرفة التجارة الهولندية-التركية، إنه يتلقى طلبات من قطاعات الأغراض المنزلية والحدائق والمنسوجات والأزياء وبناء اليخوت من جانب رؤساء شركات يبحثون عن شركاء جدد في تركيا.
لكن وكالة الأنباء الفرنسية تقول إنه قد يكون هناك عقبات عدة تقف في طريق "صنع في تركيا"، باستخدام اسم البلد بكتابته التركية Türkiye وليس بالكتابة الغربية على الصعيد الدولي بطلب من أنقرة مؤخراً.
الارتفاع الحاد في كلفة الشحن يجعل تركيا الرابح الأكبر
أصبح استيراد البضائع من آسيا مكلفاً جداً. فنتيجة نقص الحاويات، ازدادت كلفة الشحن بأكثر من تسع مرات منذ شباط/فبراير 2020 بين الصين وشمال أوروبا، بحسب مؤشر "فريتوز بالتيك".
وتبعد تركيا ثلاثة أيام فقط في الشاحنة عن أوروبا الغربية. وصنّفت دراسة أجرتها مجموعة "مكنزي" للاستشارات نشرت في تشرين الثاني/نوفمبر، تركيا ثالثة بين الدول التي لديها أفضل إمكانات لتوريد المنسوجات بحلول عام 2025، بعد بنغلاديش وفيتنام وهي متقدمة على إندونيسيا والصين.
وكتب مؤلفو الدراسة أن الشركات في قطاع الملابس تسعى إلى تغيير مجموعة البلدان الموردة التي تتعامل معها والاقتراب من أسواقها، وأشاروا إلى أن تركيا تقدم "تكاليف إنتاج أقل بسبب تراجع قيمة الليرة التركية".
نتيجة لانهيار قيمة العملة المحلية مقابل الدولار (-44% عام 2021)، فإن صافي الحد الأدنى للأجور التركي يعادل حالياً 315 دولاراً.
ويرى بعض المراقبين أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يخطط لإعادة انتخابه عام 2023، يراهن على هبوط العملة لتعزيز الصادرات والنمو، رغم رغبته المعلنة في زيادة القوة الشرائية للأتراك.
التوترات السياسية بين تركيا وأوروبا عقبة أمام أهداف أنقرة الاقتصادية
لكن انهيار الليرة التركية يشكّل أيضاً مشكلة لقطاع الصناعة بسبب اعتماد الدولة على الواردات للطاقة وبعض المواد الأساسية. وقال رودجر كيلي، الخبير الاقتصادي في المصرف الأوروبي للإنشاء والتعمير، إن تركيا "ليست روسيا التي تملك على سبيل المثال وفرة في المواد الخام". مضيفاً أن تركيا تواجه أيضاً منافسة من دول داخل الاتحاد الأوروبي.
يعتقد كيلي: "أنه علينا عدم تجاهل تلك البلدان الواقعة في جنوب شرق أوروبا مثل رومانيا أو بلغاريا والتي هي عضو في الاتحاد الأوروبي، وتقدم تكاليف إنتاج منخفضة ومواقع إنتاج عالية الجودة".
من جانبه، قال إردال يالتشين، أستاذ الاقتصاد الدولي في جامعة كونستانز في ألمانيا: "لا نرى استثمارات كبيرة حتى الآن، حتى لو كانت تركيا، من وجهة نظر اقتصادية بحتة، البلد المثالي لتقريب الإنتاج من أوروبا".
وبحسب "فرانس برس"، فإن التوترات السياسية القديمة والجديدة بين أنقرة والاتحاد الأوروبي قد تكون عقبات نحو تحول تركيا لـ"مصنع العالم" على أبواب القارة. ويعتقد يالتشين بأنه "لن تتخذ الشركات قرارات مهمة قبل انتخابات عام 2023 وحتى تتبدد حالة عدم اليقين بشأن المستقبل السياسي لهذا البلد"، بحسب تعبيره.
ومنذ أن تقدمت تركيا بطلب بالانضمام للاتحاد الأوروبي عام 1987، لا يزال حلمها الكبير حلماً لم يتحقق بعد، فلا يقترب مرة حتى يبتعد مرات، ولا تزال تركيا منذ ذلك الحين، وبعد الموافقة عليها كـ"مرشح" للعضوية الكاملة عام 1999، تحاول وبكل جهد لتحقيق حلمها المنشود، إلا أن العقبات والعراقيل الأوروبية كثيرة أمامها.
وسعت تركيا في السنوات الـ 20 عاماً الأخيرة، إلى تحقيق التكافؤ مع القوى الأوروبية الكبرى، خاصة (ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة)، ولذلك لأن من ضمن شروط الانضمام للاتحاد وجود نظام اقتصادي فعال يعتمد على اقتصاد السوق وقادر على التعامل مع المنافسة الموجودة ضمن الاتحاد.
تركيا تسعى لرفع قيمة صادراتها إلى 250 مليار دولار خلال 2022
من جهة أخرى، يقول الرئيس التركي أردوغان إنه وبرغم من أزمة التضخم التي تمر بها البلاد مؤخراً، فإن أنقرة تسعى إلى رفع قيمة صادراتها إلى 250 مليار دولار خلال العام الجاري.
وقال أردوغان الشهر الماضي إن تركيا حددت هدف النمو الاقتصادي لعام 2022 بنسبة 5% من أجل الإسراع في تحقيق فائض في الحساب الجاري، وتابع أن بلاده تهدف إلى رفع قيمة صادراتنا إلى 250 مليار دولار خلال 2022.
وأضاف أن إجمالي صادرات عام 2021 ارتفع بنسبة 32.9% مقارنة بالعام السابق له وبلغ 225 ملياراً و368 مليون دولار، وهو رقم قياسي، كما أشار أردوغان في تصريحاته إلى أن الوجهة الأكثر نمواً لصادرات تركيا هي الولايات المتحدة.
أظهرت بيانات في 3 يناير/كانون الثاني 2022، أن معدل التضخم السنوي في تركيا قفز أكثر بكثير مما كان متوقعاً، إلى 36.08% على أساس سنوي في ديسمبر/كانون الأول، ليسجل أعلى مستوياته منذ سبتمبر/أيلول 2002.
وبحسب بيانات نشرتها هيئة الإحصاء التركية، فإن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع بنسبة 13.58% على أساس شهري في ديسمبر 2021، و36.08% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.
وسجل مؤشر أسعار المنتجين المحليين ارتفاعاً بنسبة 19.08% على أساس شهري في ديسمبر الماضي، و79.89% مقارنة بالشهر ذاته من 2020.
وكان خبراء اقتصاديون شاركوا في استطلاع لوكالة الأناضول، توقعوا ارتفاع التضخم بنسبة 8.54% ليصبح 30.05% على أساس سنوي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!