جلال سلمي - خاص ترك برس
أثارت نتيجة المفاوضات التركية الإسرائيلية فيما يتعلق بإعادة العلاقات إلى نصابها السابق بعضًا من التناقضات في الآراء التي انقسمت ما بين مؤيد ومعارض لما تم التوصل إليه بين الطرفين.
وكتقييم لنتيجة المفاوضات، أوضح الخبير السياسي "أنس بيراكلي" أن نتيجة المفاوضات تبيّن أن تركيا تمكنت من إحراز قسم مهم من شروطها التي وضعتها للتوافق مع إسرائيل، مردفًا بأن شرطي الاعتذار والتعويضات المادية تحققا، ولكن شرط رفع الحصار عن غزة بشكل كامل لم يكتب له التحقق، ولكن حرصت تركيا على عدم ترك غزة من خلال القبول بإرسال المساعدات الإنسانية اللازمة إلى قطاع غزة عبر ميناء أسدود الإسرائيلي.
تقييم بيراكلي جاء في مقاله الحامل لعنوان "المفاوضات التركية الإسرائيلي ما بين الواقعية والعاطفة"، والذي نُشر في صحيفة زمان التركية بتاريخ 28 يونيو 2016، إذ أضاف بيراكلي أن المساعدات الإنسانية العاجلة ستساهم بشكل أو بآخر في تخفيف آثار الحياة الاجتماعية الضنكة على المواطنين الغزيين الذين يعانون ويلات الحصار الخانق منذ زمن طويل.
يُذكر أن المساعدات التي ستنُقل إلى غزة سيتم تنظيمها من قبل رئاسة إدارة الأزمات والحالات العاجلة "أفاد" التابعة لرئاسة الوزراء التركية بشكل مباشر، حيث يُتوقع أن تعمل أفاد على إنشاء مستشفى جديدة ومحطتي كهرباء وتحلية مياه.
وبحسب ما يورده بيراكلي، فإن أكبر الخسائر التي كُبدت بها إسرائيل نتيجة المفاوضات التي جرت بينها وبين تركيا، هي خسارتها لادعاء حماس بأنها حركة إرهابية لا يوجد بينها وبين القاعدة أو داعش أي فرق، حيث استطاعت تركيا ثني ذراع إسرائيل وتحييدها عن المطالب بإخراج قادة حماس من داخل الأراضي التركية، وفرضت تركيا على إسرائيل والعالم أجمع أمر واقع يؤكّد أن حماس الممثل الشرعي لأهالي قطاع غزة.
ويتابع بيراكلي منوّهًا إلى أن حملة إسرائيل الإعلامية الشعواء ضد حماس تلقت ضربة موجعة ومضادة نتيجة ذلك، وفي إطار الدبلوماسية الواقعية ستفتح هذه النتيجة الأفق أمام حماس لفتح علاقات سياسية دبلوماسية أوسع مع عدد من الدول الأخرى التي ستقبل بها كممثل شرعي أسوةً بالحكومة التركية التي قضت على زعم إسرائيل الباطل ضد حماس.
ويسلط بيراكلي الضوء على تصريحات حماس الرسمية، مشيرًا إلى أن تصريحات قيادة حماس تؤكّد أن حماس استوعبت حجم المكتسبات الواقعية التي أحرزتها المفاوضات لصالحها ولصالح أهالي القطاع، إلا أنه على الرغم من ذلك ظهر اعتراض شديد من قبل بعض منظمات المجتمع المدني في تركيا.
القسم الإسلامي العاطفي البعيد عن الواقعية والبراغماتية هو الذي اعترض على نتائج المفاوضات وصوّرها على أنها نتائج ركيكة لا ترقى إلى مستوى الآمال المعول عليها من قبل أهالي قطاع غزة وحماس، ولكن في حين ذهبت حركة حماس إلى دعم نتائج المفاوضات بشكل عقلاني واقعي، غلبت العاطفة على المواطنين الأتراك الإسلاميين الذين يظهرون حماسة أكثر من حماسة حماس نفسها ويتجهون لتشويه نتيجة ما تم التوصل إليه بين الطرفين، هكذا قارن بيراكلي بين العاطفة والواقعية في الاتفاقية التي توصلت إليها تركيا مع الحكومة الإسرائيلية، مردفًا بأنه عند النظر بواقعية إلى الاتفاقية يظهر من الممكن أن تكون هناك خطوات إيجابية قادمة بعد تحقيق الطرفين "تركيا وإسرائيل" لبعض المكتسبات السياسية والاقتصادية الإيجابية المتبادلة.
ويخلص بيراكلي إلى أن تركيا وقعت الاتفاقية ولكنها لم تقبل ممارسة الأبارتهايد "الفصل العنصري" الذي تقوم به الحكومة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وأصرت على التشاور مع قادة حماس قبل توقيع الاتفاقية لتقييم النتائج بشكل مشترك يخدم مصالح الطرفين ووعدت الغزيين بالاستمرار في دعمهم وخدم قضيتهم، ولم تتخلى عن سياستها الداعمة للقضية الفلسطينية كما يصوّر الإسلاميون ذلك عبر وسائل إعلامهم المنوعة، مشددًا على أنه يجب على أصحاب العاطفة الجياشة التحلي بواقعية ملموسة ونفس طويل، كي يتمكنوا من استيعاب الأمور بشكل أفضل، وبالتالي يتمكنون من تحقيق مكتسبات أكبر وأوسع.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس