ترك برس
قال رئيس الشؤون الدينية التركي محمد غورماز، إن العقود والسنوات الماضية شهدت تقصيرًا في موضوع تزامن الأبحاث وتلاقحها بين الفقهاء والفلكيين، حيث تأخر الفقه عن تجديد نفسه أمام الحقائق التي توصل إليها العلم في سياق تنامي اكتشافات الفضاء، وتنامي إمكانيات الحسابات الحساسة والدقيقة.
وأضاف غورماز في كلمة له خلال مؤتمر "توحيد مطالع الشهور القمرية والتقويم الهجري الدولي 2016"، في مدينة إسطنبول التركية، "لقد اجتمعنا اليوم هنا لنصل إلى نتيجة طيبة للجهود والأبحاث التي بدأنا بها اعتباراً من عام 2013 في موضوع التقويم الهجري ومطالع الشهر القمري"، بحسب وكالة الأناضول التركية للأنباء.
وأشار غورماز إلى أن "هناك قسم من معلوماتنا الفقهية في الماضي غير مفعلة لفهم معلومات العصر، لأنها ركزت على ظاهر النصوص وليس بمعناها ومفهومها ومعقولها ومقصدها، وهذا ساق بعض المسلمين إلى الشك ببعض الروايات، أو إلى الجدل فيها، والخصام حولها، ولا زالت البلدان الإسلامية الواقعة على نفس خطوط الطول، وفي مناطق جغرافية متقاربةٍ تقيم العيد في 3 أيامٍ مختلفة، ونحن في عصر الفضاء".
وأوضح غورماز أن "علماء الأمة الذين تخصصوا في الفقه أو الفلك على حد سواء، أخذوا على عاتقهم تحديد أوقات العبادات باعتباره واجباً دينياً، اعتباراً من اللحظة التي بدأ فيها القرآن والسنة يشكلان الحياة تبعاً للأوقات والأزمنة، وشرعوا في عملٍ يظهر التناغم والانسجام بين آيات الله الكونية وآياته التنزيلية، حيث تشكلت الأحكام الفقهية المتعلقة بتحديد أوقات الصلاة وبداية شهر رمضان وموسم الحج، وفق ما لديهم من معرفة زمنية وفلكية متطورة في أدواتها وأجهزتها الفكية وعلومها".
وأشار إلى أن "اختلاف المسلمين في موضوعٍ التقويم القمري لا يتوقف على اختلاف المطالع فقط، بل تدخل فيه الحسابات الخاصة بين الدول ورؤسائها، وهذا يتعارض مع روح الدين، ويتعارض مع منهجية الاتباع الذي يركز على الوحدة"، وأن "الأمر في أصله متعلق بحقائق علمية لشكل الأرض ودورانها، وحركة القمر بين الأرض والشمس، وهذا ما لا ينبغي أن يقع فيه الاختلاف في العصر الحديث".
وبدوره قال الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إنه "منذ عهد الصحابة وهناك خلاف بينهم على بداية صوم رمضان، وكانوا يختلفون لكنهم متحدون، لهذا نحن نجتمع هنا من أجل توحيد التقويم الهجري، وأن نحاول أن نجعله تقويماً دولياً، يصوم المسلمون في يوم واحد، ويفطرون في يوم واحد، ولا شك أن هناك عقبات علمية وعملية تحول دون ذلك، لذلك يجب على علماء الفلك أن يكونوا عوناً لعلماء الشريعة في توحيد المسلمين".
وأضاف القرضاوي، "الهلال يمكن أن يرى في بلد ولا يرى في آخر، لذلك أرى أن ننظر إلى هذه الأمور بعقلية المسلم، وعلينا أن نجمع الناس على ما يريده الشرع، فالشرع مع الفلك، ولا يوجد دين حثّ على العلم مثل الدين الإسلامي، فنحن سبقنا الغرب في العلم، لكنهم أخذوه منا وطوروه".
من جهته، أكد نائب رئيس الوزراء التركي، نعمان قورتولموش، ضرورة ألا تؤثر الخلافات السياسية على وحّدة الأمة الإسلامية، في مسائل مثل رؤية الهلال، وتوحيد التقويم الهجري، مبينًا أن بلاده "ستواصل خدمة الإسلام والأمة الإسلامية، بشتى الوسائل، بقدر ما يمدها الله من القوة"، محذرًا من أن "الأتراك والعرب والأكراد والفرس، الذين يشكلون الجزء الأكبر في المنطقة، على وشك الوقوع في انقسام خطير".
ودعا قورتولموش دول المنطقة، إلى "الوقوف ضد جميع أنواع السيناريوهات التي من شأنها أن تساهم في تقسيم العالم الإسلامي من خلال الاختلاف المذهبي أو الوسائل الأخرى"، موضحًا أن تركيا تعتبر "مشاكل كل المجتمعات المسلمة في العالم، مشكلة لها أيضًا، وتعمل على إيجاد حلول لها، مبينًا أن ذلك "يأتي ضمن المهام ذات الأولوية لدى القيادة التركية"، مشيرًا إلى أن "بدء البلدان المسلمة لشهر رمضان في أيام مختلفة، والاحتفال بالأعياد في أيام مختلفة أيضًا، تعد من المشاكل الكبيرة في العالم الإسلامي".
وأقيم المؤتمر الذي سيستمر حتى الاثنين، بمشاركة فقهاء وفلكيين من أكثر من 60 دولة، إضافة إلى مشاركة رسمية من قبل الجانب التركي، تحت رعاية رئاسة الشؤون الدينية التركية، بالتعاون مع المشروع الإسلامي لرصد الأهلة (التابع لمركز الفلك الدولي بالإمارات العربية المتحدة)، ومركز قنديللي التابع لجامعة البوسفور، والمجلس الأوروبي للإفتاء، ويهدف إلى معالجة موضوع التقويم الهجري في العالم الإسلامي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!