ترك برس
تناولت تقارير صحفية مستقبل الليرة والاقتصاد بتركيا في ظل العقوبات الأوروبية "الرمزية" بسبب أعمال التنقيب شرق البحر الأبيض المتوسط، والعقوبات الأمريكية المحتملة بسبب صفقة شراء منظومة "إس-400" الروسية.
ورأى تقرير في صحيفة العربي الجديد أن الاقتصاد التركي دخل ابتداءً من مطلع الأسبوع الجاري مرحلة جديدة من الصمود في وجه عقوبات خارجية تُفرض عليه، بما يشكل اختباراً آخر لقوّته ومتانته المالية وقدرة ليرته الوطنية على جبه الضغوط.
يأتي ذلك مع سريان عقوبات فرضها الاتحاد الأوروبي ضد أنقرة على خلفية إصرار تركيا على التنقيب شرق المتوسط عن الغاز قبالة سواحل جزيرة قبرص. وفق التقرير.
وأشارت الصحيفة إلى مواصلة الليرة مشوار تحسّنها يوم الثلاثاء، مسجلة 5.714 ليرات مقابل الدولار و6.435 ليرات مقابل اليورو، رغم العقوبات، ورغم تخفيض وكالة "فيتش" الائتمانية تصنيفها للديون السيادية التركية من "بي.بي" BB إلى "بي.بي ناقص" BB- يوم الجمعة الماضي.
وزارة الخارجية التركية قالت في بيان إن القرارات التي اتخذها مجلس العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي خلال اجتماع عقده (15 تموز/يوليو) لن تؤثر إطلاقاً على عزم تركيا على مواصلة أنشطتها الهيدروكربونية في شرقي المتوسط.
وأضافت: "تظهر هذه القرارات مدى تبني الاتحاد الأوروبي أحكاماً مسبقة تجاه القضية القبرصية ومدى انحيازه في هذا الشأن، لأنه لم يشر في هذه القرارات إلى القبارصة الأتراك الذين يتمتعون بحقوق متساوية على الموارد الطبيعية للجزيرة، وتصرف وكأنهم غير موجودين".
الأكاديمي التركي مسلم طالاس ، توقع استقرار سعر صرف الليرة إلى أن يتخذ المصرف المركزي قراراً بشأن تخفيض سعر الفائدة، "فوقتذاك سنرى تراجعاً بسعر صرف الليرة، ومن ثم تأثيراً على الإنتاج الكُلي، ما سيزيد من الانكماش الاقتصادي".
وحول المخاوف من عقوبات أميركية بعد استيراد أنقرة الصواريخ الروسية، واستمرار التنقيب عن الغاز شرق المتوسط، يضيف طالاس: "أعتقد أن تهديد أميركا هو لحفظ ماء الوجه، وإن فرضت عقوبات، فستكون خفيفة جداً، لأن الولايات المتحدة حريصة على عدم تكريس عداء مع تركيا أو دفعها باتجاه روسيا".
وتوقع أن تشمل العقوبات المفترضة حرمان تركيا من المشاركة بصنع طائرات "إف 35"، ومعاقبة الشركات التركية التي تتعاون مع روسيا في صناعة الأسلحة، وربما الضغط على البنك الدولي ومصارف عالمية لعدم منح قروض لشركات ومصارف تركية، فضلاً عن الأسلوب المتداول وهو تخفيض التصنيف الائتماني للديون السيادية، ما سيخلق توجساً لدى الرساميل من القدوم والاستثمار داخل تركيا.
وينتهي طالاس إلى القول إن "مستقبل الليرة والاقتصاد مرتبط بتحسّن الأداء، وخصوصاً بالنسبة للسياحة التي ارتفعت إيراداتها، وكذلك الميزان التجاري الذي حقق فائضاً في مايو/ أيار الماضي، ليتراجع العجز التجاري على أساس سنوي إلى مليارين و370 مليون دولار"، لافتاً إلى أن الأسواق التركية تعتمد نتائج المؤشرات الاقتصادية أكثر مما تستجيب للتصريحات والمواقف.
ويقول المحلل التركي إسلام أوزجان، إن تركيا لا يمكن أن تتخلى عن التنقيب شرق المتوسط، رغم العقوبات "الرمزية"، مضيفاً أن "الحاجة متبادلة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، لا بل إن حاجة الأوروبيين أكثر، سواء في ما يتعلق بنقل الطاقة والغاز أولاً، ومن ثم ملف اللاجئين، لذا على الأرجح ألا نرى عقوبات حقيقية" أوروبية، بل حرصاً على توازن العلاقات بين أنقرة والاتحاد.
وفي حال تطورت العقوبات الأوروبية، يقول المحلل التركي: "لن تتخلى تركيا عن التنقيب، لأن الأمر لا يقتصر على الطاقة، بل يتعلق بالسيادة التركية في البحر المتوسط وقبرص الشمالية، ولا يمكن أن تتخلى تركيا عن حقوقها وعن شمال قبرص".
وفي المقابل، يرى المحلل التركي يوسف كاتب أوغلو، أن تأثير العقوبات الأوروبية سيكون محدوداً "لأن بلاده لا تعتمد على الاتحاد الأوروبي في قطاع الطيران، كما أن هذه العقوبات ربما تدفع تركيا إلى إعادة النظر حتى بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي"، لأن مكتسبات كوبنهاغن لم تعد مُغرية بالنسبة لأنقرة، التي لديها مكتسبات لن تتخلى عنها وتتطلع للانخراط في تحالفات جديدة.
ويضيف المحلل التركي أن تركيا ماضية بطريقها للتنقيب مع محافظتها على حقوق الآخرين، معرباً عن الأسف من ردة الفعل الأوروبية، لأن "أنقرة كانت تتطلع إلى حلول سلمية وعادلة وتفعيل خطة عنان لعام 2005 واقتسام الثروات بشكل عادل".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!