ترك برس
أثار إعلان أنقرة ولفكوشا، افتتاح مدينة "مرعش" السياحية بمدينة "غازي ماغوصة" على الخط الفاصل بين شطري قبرص التركي والرومي، جدلاً واسعاً حول العالم دفع بالمنطقة إلى واجهة المشهد الدولي بعد أن كانت تلقت بـ "مدينة الأشباح."
والثلاثاء، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن منطقة مرعش ستستعيد أيامها الخوالي من خلال فتحها بطريقة لا تضر بحقوق أي شخص وفي إطار القانون الدولي.
وكانت "مرعش" مغلقة بموجب اتفاقيات عقدت مع الجانب الرومي، عقب "عملية السلام" العسكرية التي نفذتها تركيا في الجزيرة قبل 47 عامًا.
وفي 8 أكتوبر/ تشرين أول 2020، فتحت جمهورية شمال قبرص التركية، جزءًا من منطقة "مرعش" المغلقة بمدينة "غازي ماغوصة" شرقي البلاد.
وفيما يلي، سرد لكامل القصة المتعلقة بـ "مرعش" القبرصية، بحسب ما أورده تقرير لـ "عربي 21":
بداية القصة
أطلقت تركيا في الـ20 من تموز/ يوليو 1974 "عملية السلام" في جزيرة قبرص، بعد أن شهدت الجزيرة انقلابا عسكريا قاده نيكوس سامبسون ضد الرئيس القبرصي مكاريوس الثالث، في 15 تموز/ يوليو من العام نفسه، وجرى الانقلاب بدعم من المجلس العسكري الحاكم في اليونان، فيما استهدفت المجموعات المسلحة اليونانية سكان الجزيرة من الأتراك.
وبدأ الجيش التركي عملية عسكرية ثانية في 14 آب/ أغسطس 1974، ونجحت العمليتان في تحقيق أهدافهما، بحسب رواية الجيش، حيث أبرمت اتفاقية تبادل للأسرى بين الجانبين في 16 أيلول/ سبتمبر من العام ذاته.
وفي 13 شباط/ فبراير 1975، تم تأسيس "دولة قبرص التركية الاتحادية" في الشطر الشمالي من الجزيرة، وتم انتخاب رؤوف دنكطاش رئيسا للجمهورية، التي باتت تعرف باسم "جمهورية قبرص التركية".
منطقة مرعش
عقب إغلاق "مرعش" لم يسمح لأحد بدخول البلدة، وهي عبارة عن منتجع للعطلات يحيط به سياج يمتد حتى البحر، إلا الجنود الأتراك منذ هجرة سكانها، وكانت مرعش أشهر منطقة سياحية في جزيرة قبرص وبحر المتوسط قبل 1974.
خطة كوفي عنان
نصّت خطة كوفي عنان على ترك المنطقة للجانب اليوناني، إلا أن رفض قبارصة اليونان للخطة خلال الاستفتاء الشعبي، في نيسان/ أبريل 2004، حال دون تطبيقها.
ومنذ 1974، تعاني جزيرة قبرص من انقسام بين شطرين: تركي في الشمال، ويوناني في الجنوب. وفي 2004، رفض القبارصة اليونانيون خطة قدمتها الأمم المتحدة لتوحيد شطري الجزيرة.
مرعش في الأرشيف
يكشف أرشيف وكالة الأناضول التركية عن المذابح التي تعرض لها القبارصة الأتراك منذ عام 1963، على يد قوميين متطرفين من القبارصة اليونانيين، والتي انتهت بعد إعلان تركيا قيامها بعملية "السلام" العسكرية في قبرص عام 1974، التي قررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لأجلها تغريم تركيا 90 مليون يورو، بدل تعويضات معنوية تدفع للقبارصة اليونانيين.
وكانت وكالة الأناضول وثّقت بالصور القرى الكثيرة التي تم تركها من قبل سكانها القبارصة الأتراك؛ بسبب الاعتداءات العنصرية التي مورست عليهم من قبل القوميين اليونانيين في الجزيرة على خلفية عرقية، كما أظهرت صور الأناضول الأعمال الوحشية التي تم ارتكابها ضد القبارصة الأتراك في قراهم ومدنهم، وما أعقب ذلك من مجازر ومقابر جماعية ارتكبها الروم بحق سكان الجزيرة الأتراك الذين هربوا من بيوتهم، ليسكنوا بمخيمات أقيمت من قبل الهلال الأحمر التركي.
وقد بدأت أعمال العنف في الجزيرة بعد إعلان اليونان عام 1950 عن حق اليونانيين في تقرير مصير الجزيرة؛ تمهيداً لضمها إليها، ونقلت الملف القبرصي إلى الأمم المتحدة، لتبدأ بعدها أعمال عنف ضد المكون التركي من أبناء الجزيرة، تلك الأعمال التي اتخذت شكلاً منظماً بعد تأسيس الجنرال اليوناني "جورجيوس غريفاس" منظمة إرهابية عام 1955، عُرفت باسم تنظيم النضال الوطني القبرصي "إيوكا".
يضاف إلى ذلك قيام "نيكولاس سامبسون"، في 15 تمّوز/ يوليو 1974، بانقلاب عسكري على الرئيس القبرصي "مكاريوس الثالث"؛ بهدف ضم الجزيرة إلى اليونان، ما زاد من أعمال العنف، ورفع وتيرتها ضد أتراك الجزيرة، الأمر الذي دفع تركيا إلى الطلب من بريطانيا -البلد المستعمر للجزيرة- التدخل لوقف العنف؛ استناداً إلى "اتفاقية غارانتي" (الضمان)، التي أبرمت بين تركيا وبريطانيا في مدينة "زيورخ" السويسرية بتاريخ 11 شباط/ فبراير 1959، والتي تعهدت بريطانيا بموجبها بالحفاظ على قبرص دولة موحدة مستقلة غير تابعة لأي دولة أخرى اقتصادياً أو سياسياً، إلا أن بريطانيا تنصلت من الالتزام بواجباتها ومسؤولياتها تجاه قبرص.
أسباب العملية التركية العسكرية
وأعلنت تركيا، يوم 20 تمّوز/ يوليو 1974، شن عمليات عسكرية عرفت باسم "عملية السلام العسكرية"؛ لتأمين أرواح وأموال القبارصة الأتراك، وخسرت تركيا نتيجة ذلك 498 قتيلا، فيما جرح 1200 آخرين، وقتل أثناء العملية 270 مدنياً من القبارصة الأتراك، وجرح ألف آخرون.
كما وصف "درويش أر أوغلو" رئيس جمهورية شمال قبرص التركية -التي تم الإعلان عن إنشائها في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 1983، لكن نشأتها الفعلية تعود إلى سنة 1975 إثر عملية السلام العسكرية التركية في جزيرة قبرص- قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، القاضي بتغريم تركيا 90 مليون يورو، كبدل تعويضات معنوية، بسبب قيامها بعملية عسكرية في جزيرة قبرص عام 1974، بالقرار السياسي.
وأضاف "أر أوغلو" في تصريح له، أن المحكمة الأوروبية، التي أبت إلا أن تغرم تركيا، لم تتساءل عن الأسباب التي وقفت وراء العملية العسكرية التركية في جزيرة قبرص عام 1974، ولم تسأل نفسها ما الذي كان سيحل بأتراك قبرص لولا تدخل تركيا من أجل حمايتهم، علماً أنها تعلم أن عدم التدخل التركي آنذاك كان يعني عدم بقاء أي تركي على قيد الحياة في تلك الجزيرة.
كما وصف بيان صادر عن وزارة خارجية جمهورية شمال قبرص التركية اليوم، قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بالقرار الخاطئ، من ناحية المضمون، ومن الناحية العملية، مضيفاً أن قرار المحكمة المذكورة يتجاهل الخطوات المتبادلة التي اتخذها الطرفان التركي والرومي (اليوناني) في جزيرة قبرص، في إطار لجنة المفقودين التي تأسست عام 2001، والمشكلة من قبارصة أتراك وقبارصة روم (يونانيين)، على حد سواء.
وأشار البيان إلى أن قرار المحكمة تجاهل الحقائق التاريخية الموجودة في الجزيرة، وأن هذا النوع من القرارات أحادية الجانب، لا بد أن يؤثر سلباً على العملية التفاوضية الجارية.
ووفقاً لقرار المحكمة، يتم صرف 30 مليون يورو من التعويضات على عوائل 1491 مفقوداً رومياً "يونانياً"، و60 مليون يورو على الروم الموجودين في شبه جزيرة "كارباز"، في الشطر الشمالي التركي من الجزيرة.
وسبق للمحكمة الأوروبية أن أدانت تركيا في عام 2001 بانتهاك 11 مادة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، إلا أنَّ الجانب المتعلق بالتعويضات تم إرجاؤه إلى وقت لاحق، ثم رفعت إدارة قبرص اليونانية على إثرها دعوى قضائية جديدة ضد تركيا عام 2011، تتعلق بالتعويضات. ويعتبر قرار التغريم أول حكم دولي يلزم تركيا بدفع تعويضات.
وأجرى أردوغان زيارة إلى قبرص التركية يومي 19 و20 يوليو/ تموز الجاري شارك خلالها باحتفالات "عيد السلام والحرية" الموافق ذكرى انطلاق عملية السلام" العسكرية التي أطلقتها تركيا في الجزيرة، كما زار في وقت سابق برفقة نظيره في قبرص التركية، منطقة مرعش أيضاً.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!