ترك برس
قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن العلاقات مع إسرائيل بعد الحرب الأخيرة لن تكون أبدا كما كانت قبلها.
وأضاف في مقابلة خاصة مع قناة الجزيرة القطرية، أن بلاده تبذل ما في وسعها من أجل وقف الحرب وإدخال المساعدات بشكل فوري إلى قطاع غزة، لكنه أكد ضرورة وجود موقف عربي إسلامي موحد لكسر الحصار الذي يفرضه الاحتلال على القطاع.
وأشار إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والشعب التركي وكافة الأحزاب السياسية في البلاد معنيون بما يجري في غزة، غير أن التحركات الفردية لن تحقق النتائج المطلوبة.
فيدان أكد أن القمة العربية الإسلامية التي عقدت في الرياض مؤخرا تمثل تحولا مهما بالنسبة للقضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن تفعيل ما صدر عنها من قرارات يتطلب موقفا جماعيا.
وقال إن بلاده يمكنها قطع العلاقات مع إسرائيل وإنها سبق أن فعلت ذلك، بيد أن الأمر في الوقت الراهن يتطلب قطعا جماعيات للعلاقات وضغوطا من كافة الدول الإسلامية حتى تحقق النتائج المرجوة.
كما قال فيدان إن العلاقات مع إسرائيل بعد الحرب الأخيرة لن تكون أبدا كما كانت قبلها، مؤكدا أن تقارب أنقرة مع تل أبيب قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كان جزءا من حركة تطبيع سادت المنطقة كلها.
وأضاف "نحن نريد المساهمة في استقرار المنطقة وتنمية اقتصادها وتقويتها لكن من خلال حل قضية فلسطين وعلينا أن ندرك أنه لن يكون هناك تطبيع مع إسرائيل دون حل الدولتين".
وأكد فيدان أنه "لا يمكن التعامل مع إسرائيل بعد كل هؤلاء الشهداء في غزة"، وأن عدم الوصول لحل الدولتين "يعني مزيدا من الحروب في المنطقة"، حسب قوله.
كسر الحصار
وفيما يتعلق بكسر الحصار بالقوة، قال فيدان إن هناك تحركات دبلوماسية مع كافة الأطراف الدولية لإنهاء الحصار، ووقف القتل الإسرائيلي الممنهج، لكنه أكد أيضا وجود تحركات غير معلنة.
وعن سبب عدم تحرك الدول العربية والإسلامية لكسر الحصار رغم ما اتخذ في القمة من قرارات، جدد فيدان التأكيد على أن اتخاذ هذه الخطوة بالقوة يتطلب تعاون كافة الدول، في إشارة إلى أن هذا الأمر لم يتوفر حتى الآن.
وقال إن المصريين يبذلون ما في وسعهم لإدخال المساعدات لكنهم في الوقت نفسه يحتاجون تنسيقا معينا مع إسرائيل من أجل إدخال المساعدات، مشيرا إلى أن هذا التنسيق متوقف في الوقت الراهن.
ومع ذلك، فقد أكد أن مصر بإمكانها قول وفعل ما تريد إن هي قررت كسر الحصار بالقوة، لكنه قال إن القاهرة لديها حساسيات مهمة وإنها تعمل مع دولة قطر والسعودية وغيرهما من أجل إيصال المساعدات.
وأعرب عن أمله في أن تسفر اجتماعات ولقاءات اللجنة السباعية المنبثقة عن القمة العربية الإسلامية في التوصل لقرارات مهمة لوضعها موضع التنفيذ.
واعتبر فيدان أن هذه اللجنة تمثل تحولا مهما لأنها الأولى من نوعها التي تشكلها منظمة التعاون الإسلامي، وقال إنها ستجري لقاءات قريبا في موسكو وبكين ولندن، لبحث وقف القتال، مشددا على أن ردة الفعل الإسلامية ليس لها سقف لكنها تتطلب موقفا وقرارا جماعيا لكي تكون مؤثرة.
وعن الموقف الأميركي والغربي من الحرب، أكد فيدان أن الغرب يقبل بما يتعرض له سكان غزة من ظلم وقتل، وأن هذا القبول ستكون له تداعيات كبيرة على موقف العالم الإسلامي مع الولايات المتحدة والغرب.
لا بد من موقف جماعي
وبخصوص تشكيل تحالف من الدول المناهضة لإسرائيل، بقيادة أنقرة، قال وزير الخارجية التركي "نحن نفكر في هذا الأمر، لكننا نعرف أن هناك دولا محيطة بفلسطين وأخرى عربية معينة عليها أن تشارك وأن تتحرك وبعدها نعمل مع الأفارقة والآسيويين وأميركا اللاتينية وربما روسيا والصين".
وعن الاجتماع مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في أنقرة، قال فيدان "لقد تحدثت معه مطولا وبصراحة وقلت له كل ما يجب أن يقال، وأبلغته أن تركيا تريد إيقاف الحرب فورا وبشكل دائم مع إدخال المساعدات، وأكدت له أننا لا نقبل بتهجير سكان غزة، لكننا لم نتفق لأن الأميركيين يقفون مع إسرائيل بشكل قوي في مواصلة الحرب".
ومع ذلك، قال فيدان إن بلينكن "أظهر تجاوبا في موضوع المساعدات، وقطعنا شوطا لكنهم يرفضون وقف القتال"، مضيفا "إذا استمرت أميركا في دعمها وسكوتها عن القتل فإن العالم سيواجه أزمة أكبر".
ورفض فيدان الحديث عن مستقبل غزة بعد الحرب، وقال إن الحديث لا بد وأن يكون عن وقف القتال والشروع في حل الدولتين لأنه لا حل للصراع دونه، مؤكدا أن غزة "ليست لديها مشكلة إدارة وإنما مشكلة احتلال يدمر كل ما فيها ويحيل القطاع إلى مكان غير صالح للحياة".
أما عن مستقبل حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، فقد أكد الوزير التركي أنها حركة تحررية وليست إرهابية، وأن بلاده ليست معنية بما يطلقه الغرب من تصنيفات، وقال إنه عندما يتم حل الصراع ستكون حماس جزءا من الحياة السياسية كأي حزب آخر.
جهود قطرية لا تصدق
وعن الجهود التي تبذلها قطر خلال الأزمة الحالية، قال فيدان إن الدوحة تحركت بسرعة وبشكل لا يصدق، وكان لها دور مهم جدا بين حماس وإسرائيل، مؤكدا أن أنقرة تتواصل مع الدوحة على كافة المستويات وأنها تدعم كل ما تقوم به من جهود.
وختم فيدان بالقول إن أهل غزة ليسوا وحدهم وإن بلاده ستواصل العمل ونقل الجرحى إلى أراضيها لتقديم العلاج لهم، وستعمل على حشد العالم كله في صفهم، مؤكدا أن ما سال من دماء "حرك دولا كثيرة ضد الظلم والإمبريالية الغربية ودفع آخرين للتحرك من أجل محاكمة إسرائيل دوليا".
الموقف التركي من التطورات في غزة
وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أعلنت حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) وفصائل أخرى في المقاومة الفلسطينية، إطلاق عملية أسمتها "طوفان الأقصى" ضد أهداف إسرائيلية في غلاف قطاع غزة التي تعاني من حصار مطبق منذ سنوات.
إسرائيل وأمام مباغتة المقاومة الفلسطينية لها، ردت على "طوفان الأقصى" بإطلاق ما أسمته "عملية السيوف الحديدية"، قصفت بموجبها المناطق السكنية وأهداف حماس في قطاع غزة ومحيطها، في محاولة منها لردع العملية الفلسطينية وإيقافها.
وخلّفت الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، آلاف القتلى وعشرات آلاف الإصابات بين المدنيين، وسط تحول القطاع إلى ما يشبه الدمار والركام، وحديث عن إخلاء القطاع من سكانه وإجلائهم نحو الجنوب قرب الحدود مع مصر.
ومنذ اللحظة الأولى لتصاعد التوتر الفلسطيني الإسرائيلي، أكدت تركيا وعلى لسان كبار مسؤوليها على ضرورة وقف إطلاق النار بأقرب وقت حقناً للدماء وتجنباً لمزيد من الضحايا المدنيين، فيما أكد رئيسها رجب طيب أردوغان على أن الحل لتحقيق السلام في المنطقة وفي فلسطين يمر عبر تأسيس دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة بحدود 1976 وعاصمتها القدس.
وأمام تصعيد إسرائيل من هجماتها تجاه المدنيين في غزة وعدم استجابتها لمطالب وقف إطلاق النار، صعّدت تركيا ورئيسها أردوغان من موقفها ضد إسرائيل متهمة إياها بـ "ارتكاب المجازر والإبادة الجماعية" في غزة، قبل أن تعلن في 4 نوفمبر/ تشرين الجاري استدعاء سفيرها في تل أبيب إلى أنقرة "للتشاور" رداً على المجازر الإسرائيلية بالقطاع.
وأرسلت تركيا حتى الآن عدة طائرات إلى مصر، محملة بمساعدات مختلفة لسكان غزة، إلى جانب فريق من الأخصائيين الطبيين الذين سيقومون بالتحضيرات اللازمة من أجل بناء مشافي ميدانية تركية في معبر رفح وفي مطار العريش بمصر، لعلاج الجرحى الفلسطينيين.
بدورها، أعلنت جمعية الهلال الأحمر التركي تكفّلها بسد احتياجات الطاقة الكهربائية للمشافي وسيارات الإسعاف في غزة، طيلة شهر كامل، فيما تواصل منظمات إغاثية تركية إطلاق حملات لدعم ومساعدة سكان غزة.
وقبل قرابة أسبوعين، أعلنت تركيا استدعاء سفيرها في تل أبيب إلى أنقرة للتشاور "رداً على المجازر الإسرائيلية بحق المدنيين في غزة".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!