ترك برس
تباينت آراء الخبراء والمحللين بشأن أهداف زيارة نائب وزير الداخلية التركي، إسماعيل تشاتاكلي، إلى مدينة عدن اليمنية، والمباحثات التي أجراها مع مسؤولي الحكومة اليمنية.
وحسب تقرير أعدته صحيفة "عربي21" الإلكترونية، فإن تشاتاكلي وصل إلى مدينة عدن الإثنين وحظي باستقبال رسمي في زيارة فتحت الباب واسعًا أمام تساؤلات عدة حول أهميتها.
وقالت الصحيفة إن تشاتاكلي عقد لقاءين؛ الأول مع رئيس الوزراء اليمني معين عبدالملك، والآخر مع وزير الداخلية أحمد الميسري، حيث بحثا التعاون في المجال الأمني والتأهيل والتدريب، وتفعيل اللجنة المشتركة بين البلدين. وفقا للموقع الرسمي لوزارة الداخلية.
وفي هذا السياق، يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني، عبدالرقيب الهدياني، أن هذه الزيارة مهمة للغاية، رغم أنها متأخرة. على حد تعبيره.
وقال الهدياني، إن "زيارة المسؤول التركي إلى مدينة عدن تأتي في سياق بحث الحكومة الشرعية عن بدائل أخرى لحلحلة للملف الأمني الذي بات يأخذ منحى خطيرا، جعل من قيادات الدولة في دائرة الخطر".
وأَضاف الهدياني أن هذه الزيارة "تأتي بعد فشل الحكومة اليمنية في جهود إصلاح المنظومة الأمنية التي تسيطر عليها الإمارات، واستنفدت كل محاولاتها؛ لإقناع الأخيرة للتخلي عن مليشياتها لمصلحة تقوية الأجهزة الحكومية طيلة 4 سنوات من الفوضى والانفلات في عدن والمحافظات المجاورة لها".
موضحا أن "هناك دفعتين من عناصر الشرطة اليمنية تتلقى دورات تأهيل وتدريب في أنقرة".
ووفقا للكاتب اليمني، فإن حكومة هادي "ربما قررت كسر الاحتكار الإماراتي للملف الأمني في المحافظات المحررة، والاستعانة بتركيا، حتى وإن كانت خصما للدولة الخليجية، لكنها من باب آخر الدواء الكي".
وأِشار إلى أن "توسيع دائرة النشاط التركي في اليمن مهم، ولعله يحدث توازنا يكون لصالح استقرار البلد، بدلا عن الاستفراد الإماراتي بكثير من الملفات".
وفيما يخص موقف الإمارات، الشريك الرئيس للسعودية في تحالفها العسكري بالبلاد من أي حضور تركي أمنيا، رد قائلا: "أبوظبي أضعف من أن تواجه دولة كبرى كتركيا، عدا من دسائس يمكن أن تحيكها، لكن تواجد الأتراك مع الإماراتيين في ملعب واحد، سيعقد أجندت الطرف الأخير".
من جانبه، أكد الكاتب والباحث السياسي التركي، فراس أوغلو، أن دور بلاده في اليمن يتوسع أكثر، لأسباب عدة منها "إدراك الرياض الذي تقود عمليات التحالف العربي ضد الحوثيين، لأهمية نفوذ أنقرة كقوة إقليمية".
وأضاف أن "زيارة نائب وزير داخلية تركيا لعدن قد تقود نحو حضور أمني مساند للسلطة الشرعية، يتجاوز تواجد أنقرة القوي في المسألة الإنسانية".
وتابع: "هناك بعض الأمور التي ستوكل إلى تركيا أمنيا، لعل أبرزها تدريب عناصر الشرطة اليمنية، نظرا للباع الطويل لها في هذا الأمر، وعلى غرار ما تقوم به من تدريب الشرطة الأوكرانية والبلقانية".
وأوضح الكاتب التركي أنه "بعد مقتل خاشقجي، أصبح الموقف السعودي أكثر لينا في مواقف دولية مع تركيا، ولهذا يمكن قراءة التوجه التركي نحو اليمن إلى وجود مقاربة بين البلدين".
وأشار الباحث السياسي التركي إلى أن حاجة اليمن إلى الدور التركي بات ضروريا، في الوقت الذي أصبح الوجود اليمني في تركيا واسعا، من خلال الجالية اليمنية التي تضم رجال أعمال وتجارا، وهذا ما يدركه صانع القرار اليمني.
وتوقع أوغلو أن يكون هناك تعاون يمني تركي سعودي، وربما "تلعب أنقرة دورا مهما لملء أي فراغ محتمل في ظل المشاكل الداخلية التي تعاني منها الخرطوم، المشاركة ضمن التحالف العسكري بقيادة الرياض، بالإضافة إلى الابتزاز الذي تمارسه مصر للسعودية من الناحية المالية، وهو أمر لا يوجد عند الأتراك". وفق قوله.
بموازاة ذلك، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، عبد الباقي شمسان، إن "هناك توجها تركيا لحضور أوسع، والمساهمة في الوضع الحالي لليمنيين إنسانيا وأمنيا ومستقبلا في إعادة الإعمار، وهذا ما تعكسه زيارة نائب وزير الداخلية في تركيا".
وتابع بأن زيارة المسؤول التركي لمدينة عدن تهدف في المقام الأول للتنسيق مع السلطة الشرعية، وفتح الباب أمام تدفق المساعدات الإنسانية، وبحث الحماية للكوادر التركية التي ستزور البلد تباعا، عقب الإعاقات المتكررة التي تعرضت لها الفرق التركية الإغاثية خلال فترات سابقة".
وحسب الأكاديمي اليمني، فإن "أنقرة تريد أن تلعب دورا مهما منذ فترة طويلة في الملف اليمني"، وأن "لدى صانع القرار في أنقرة رغبة في تقديم مساعدة واسعة لليمنيين، وتطويرها من المساعدات الإنسانية والإغاثية، رغم الإعاقات التي قوبلت بها هذه المشاريع".
وذكر شمسان أن الدور التركي بدأ يتجاوز المسألة الإنسانية نحو تقديم دعم آخر كتدريب كوادر الحكومية الأمنية، وتنسيق معلوماتي، نظرا لخبراتها في هذا الجانب.
ولم يستبعد أستاذ علم الاجتماع السياسي أن يواجه الأتراك عوائق من قبل دول التحالف، وعدم إعطائهم مجالا أو فرصة بالنفاذ إلى الجغرافيا اليمنية والتأثير فيها.
وهذه الزيارة هي الأولى بهذا المستوى من قبل الأتراك إلى مدينة عدن منذ اندلاع الحرب في العام 2015، بعدما ظل دورها يقتصر على المشاريع الإنسانية والإغاثية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!