ميرا خالد خضر - خاص ترك برس
في أثناء تجوالك بين شوارع وأزقة مدينة المآذن إسطنبول بتركيا، مدينة الأساطير والملوك مدينة العزة بعبق الإسلام، تشم رائحة القهوة ممزوجة بالشاي وطعم الحلويات التقليدية، ولن تقاوم إلا بتذوق كل منها. وبالرغم من مرور القرون على الحلويات التركية العتيقة إلا أنها لا تزال موجودة في أبسط وأفخم محلات بيع الحلويات بإسطنبول.
في هذه الدنيا لا شيء ينشأ من فراغ ولكل شيء بداية وقصة، حتى الحلويات التركية المشهورة لها أصل وقصة ومعنى وغاية صنعت من أجلها، فقد تزاوج المطبخ التركي بين التاريخ والحضارة وبين الأصالة وروعة الطعم، وقد تأثرت عموما بالمطبخ اليوناني والمطبخ الشركسي وبالأخص المطبخ العربي.
تصنع الحلويات التركية بالعسل الطبيعي، والفواكه الموسمية، والمربى، ومعجون التوت البري الأحمر والحليب والتوابل لتسهيل تخزين الحلويات، محتفظين بطريقة صنعها التقليدية التي كان يصنعها الأتراك قديما، في حين لا تزال النساء التركيات تحتفظن بسر عمل تلك الحلويات العتيقة من جداتهن وأمهاتهن ويفضلن صناعتها منزليا.
تركيات يمتهن صنع الحلويات منزليا
دخلت المشاريع النسائية لصنع الحلويات إلى منازل السيدات التركيات، من أجل تحقيق دخل خاص وإضافي لهن، وإحداث توازن عائلي اقتصادي جيد، وكذا قتل الفراغ بالنسبة لربات البيوت. وفي الوقت نفسه، تعمل هذه المشاريع الصغيرة للمساهمة في تحريك العجلة الاقتصادية بشكل نسبي في تركيا...
حيث ترى السيدة التركية فاطمة 48 سنة، وهي ربة بيت وصاحبة فكرة نسوية لصنع الحلويات التقليدية التركية في المنزل كمشروع صغير نجحت من خلاله في جلب اهتمام كثير من النساء والطلبات على حلوياتها المنزلية، وكذا جراء عرضها لحلوياتها التقليدية على التطبيقات ووسائل التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية.
ومع كثرة المناسبات طوال السنة، دخلت طلبيات الحلويات في قائمة الأشياء الأساسية، حتى لأصحاب المناسبات البسيطة. كما تؤكد فاطمة أن تجهيزات بعض الحلويات غير مكلفة والمواد الأولية متوفرة وأن وصفات إعداد الحلويات متوفرة، منها ما تعلمته سابقا من أمها و أقاربها، ومنها الحلويات الحديثة التي تعلمتها من مشاهدتها على التلفاز وموقع يوتيوب، وأكدت أن تعلمها يحتاج متابعة وممارسة فقط.
تركيات يتفنن باعداد أبسط و أقدم الحلويات التركية
حلوى تريليتشة التركية (Trileçe Tatlısı) مزيج بين البساطة والأصالة
تعشق النساء التركيات إعداد حلوى تريليتشة لبساطة صنعها وسهولتها، وهي من الحلويات القديمة وسهلة الصنع، وتسمى كذلك بحلوى البلقان. تدخل في مكوناتها كريمة الحليب والكراميل والمربى، وتختلف في شكلها باختلاف عادات المناطق التركية وفواكها الموسمية، حيث يغطى وجهها الكراميل بمختلف النكهات والمذاق، وذلك بهدف أن تكون خفيفة وهشة.
تُباع تريليتشة أيضًا في المحال بأسعار رمزيةً حيث لا يتجاوز سعر القطعة منها 5 ليرات تركية في المتوسط، ويمكن اقتناء علبة حلوى تريليتشة من المتاجر الكبيرة الحكومية مثل "بيم" أو "101" على شاكلة علبة بودرة يمكن استكمال عملية صنعها منزليا، وذلك بخفق تلك البودرة مع البيض وكأس حليب ووضعها في الفرن لنصف ساعة، أما الكراميل فيتوفر في كيس برفقة علبة البودرة الجاهزة. وتعد تريليتشة من أهم الضيافات في البيت التركي الأصيل.
حلوى صدر الدجاج (Tavuk Göğsü)!
أما حلوى "صدر الدجاج" فهو طبق مثير للدهشة، سيصدمك للغاية حين تعلم أن مكونه الأساسي هو الدجاج الذي تتفنن التركيات في إعداده على موائدهن الرمضانية، حيث يقمن بطحن لحم الدجاج ليصبح كالعجين ويمتزج تماما مع المكونات الأخرى من الحليب والسكر والقرفة، ولن تصدق أبدا عند تذوقها أنها تتألف من قطع الدجاج. وهذه الوصفة القديمة من المطابخ العثمانية العتيقة، تمثل علامة توقيع مميزة لتركيا.
وكذلك حلاوة الطحينية (Helva)، أوالمسماة بحلوى السمسم فتتنوع النكهات المتوفرة منها، وتدمج مرات بأنواع معينة من المكسرات. ولكن النسخة الشعبية التركية والمشهورة تتكون فقط من الدقيق المخلوط ببذور السمسم المطحونة، ومن عادات النسوة التركيات تقديم هذه الحلوى البسيطة في موائد المآتم وبعض المناسبات، ويتم توزيعها على الجيران وعابري السبيل.
وهناك أيضًا الملبن أو حلوى الحلقوم، المشهورة في المغرب العربي باسم حلوى الترك، وهي أبرز الهدايا التي يجلبها زوار تركيا معهم في رحلة العودة. يعود تاريخ هذه الحلوى المسمّاة "الملبن" أو "الحلقوم" إلى أيام الإمبراطورية العثمانية، وبالذات في عهد السلطان سليمان القانوني بعدما أحبت زوجته هيام هذه الحلوى، وتصنع حلوى الملبن بنكهات متعددة ومتنوعة بالمكسرات أو دونها وتكون لينة ومطاطية وحلوة الطعم، وعادة تُقدّم بعد فنجان القهوة التركية المُرّة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!